انتشر مؤخرا ما يعرف باسم زواج المسيار أو زواج الإيثار في عدد كبير من الدول العربية الإسلامية، حيث لقي هذا الزواج القبول عند الكثير خصوصاً الرجال الغير قادرين على تحمل التكاليف الباهظة لحفلات الزفاف في هذه الأيام.
لكن من وجهة نظر البعض يعتبر هذا النوع من الزواج غير شرعي أو ضد المعتقدات السائدة في بلادنا العربية.
فما هي وجهة نظر الدين في هذا الموضوع؟ لنتعرف أكثر في هذا المقال ما هو زواج المسيار و ما هو حكمه في الإسلام.
ما هو زواج المسيار:
يقصد بزواج المسيار العقد الذي يتم بين الرجل و المرأة من أجل أن تحل له شرعاً، يحتوي هذا العقد على جميع شروط الزواج و أركانه من إيجاب أو قبول بالإضافة لموافقة الولي أيضاً شهادة الشهود.
لكن في زواج المسيار تتنازل المرأة عن بعض من حقوقها في الزواج مثل المبيت أو السكن أو النفقة، حيث يكون ذلك برضاها كما تكتفي من الزوج أن يأتي إليها بين حين و آخر.
يوجد صورتان شائعتان لزواج المسيار حيث إما يكون عقد الزواج بين الرجل و المرأة مستوفياً جميع أركانه من وجود الولي و الشهود إلى تسمية المهر، لكن تتنازل الزوجة عن المسكن و النفقة فيأتي في هذه الحالة الزوج إلى مسكن الزوجة الحالي عندما يريد اللقاء بها. بذلك لا يتكلف بالسكن أو النفقة عليها.
أما الصورة الثانية فتكون بعقد زواج مستوفي لجميع أركان الزواج وشروطه لكن تتنازل الزوجة فيه عن قسمة المبيت.
تعتبر هذه الصورة الأشيع لزواج المسيار لأنه في هذه الحالات يرغب الزوجان بإخفاء هذا الزواج عن الأهل و المعارف.
أسباب انتشار زواج المسيار:
يرجع انتشار زواج المسيار بين صفوف الرجال أو النساء العرب إلى عدة أسباب نذكر منها:
- ازدياد العنوسة بين صفوف النساء بسبب انصراف الرجال عن الزواج لارتفاع تكاليفه، في مثل هذه الأحوال قد تتنازل النساء عن بعض حقوقها و ترضى بأن تكون زوجة ثانية أو ثالثة.
- رغبة بعض النساء في البقاء مع ذويهم من أجل رعايتهم أو خدمتهم، أو بسبب وجود أطفال لا تستطيع الانتقال بهم إلى منزل الزوج حتى لا يتم سحب الحضانة منها.
- كون المرأة مصابة بنوع من الإعاقة فتبقى في منزل والديها حتى لا يتم تحميل الزوج ما لا يطيق.
- حاجة بعض الرجال المتزوجين إلى نوع من المتعة المباحة أو التنوع، فيلجأ إلى زواج المسيار بالسر حتى لا يؤثر ذلك على عائلته أو أطفاله.
- سفر الرجل إلى بلد معين بهدف العمل، حيث يمكن أن يمكث فيه مدة طويلة يبحث فيها عن مؤنس له في حدود الشرع.
حكم زواج المسيار في الدين الإسلامي:
رغم اختلاف الآراء بين مؤيدين و معارضين لزواج المسيار، إلا أنه عند النظر إلى طبيعة هذا الزواج فهو عقد يحلل المرأة للرجل شرعاً.
كما يستوفي جميع شروط و أركان الزواج من موافقة الزوجة و ولي الأمر حتى شهود العدل. بذلك يكون صورة صحيحة للزواج لا يوجد فيها ما يخل بالدين الإسلامي.
يمكن الاستدلال على شرعية هذا الزواج من أم المؤمنين سودة –رضي الله عنها- عندما وهبت ليلتها لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها- وقبول الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك حيث دل قبوله على أن الزوجة من حقها أن تسقط بعض من حقوقها الشرعية برغبتها.
(أنه كانَ إذَا أرَادَ سَفَرًا أقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا معهُ، وكانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ منهنَّ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا، غيرَ أنَّ سَوْدَةَ بنْتَ زَمْعَةَ وهَبَتْ يَومَهَا ولَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ)
في الختام يمكن الاستنتاج أن زواج المسيار هو زواج شرعي في الدين الإسلامي، لكن ذلك لا يعني أنه يلقى القبول اجتماعياً، أو يغني عن الزواج التقليدي الذي يقوم على المحبة و الاحترام المتبادل لتكوين أسرة سليمة في المجتمع.
اترك تعليقا